اسطنبول – 18/07/2022
مع دخول النزاع في سوريا عامه الثاني عشر وعدم إحراز أي تقدم يذكر في معالجة مأساة المفقودين، ومع العمل الدؤوب الذي بذله الضحايا والناجون والجمعيات الأسرية ومجموعات المجتمع المدني، وجهود العديد من الهيئات الدولية في هذا الشأن، شكل قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة (حول إنشاء آلية خاصة بالمفقودين) رقم 228 /76 لحظة يمتزج فيها إحياء الأمل بمعرفة مصير أحبائهم واستمرار المخاوف لديهم حول جدية هذه الآلية ومستقبل ملف العدالة والمحاسبة في سوريا.
وقد جاء هذا القرار حول إنشاء آلية مستقلة ذات والية دولية لتنسيق وتوحيد المطالبات المتعلقة بالمفقودين، بمن فيهم الأشخاص الذين تعرضوا للاختفاء القسري، بناء على توصية لجنة التحقيق الدولية المستقلة الخاصة بسوريا، و الإحاطة الإعلامية التي قدمها الأمين العام للأمم المتحدة إلى الجمعية العامة في ٣٠ آذار/ مارس ٢٠٢١ والتي أشار فيها إلى عدم إحراز تقدم بشأن تلك المسائل في غياب آلية دولية، وتأييد مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في ٢٤ أيلول/ سبتمبر ٢٠٢١ لإنشاء آلية مستقلة، والتأكيد على أهمية عدم العبث بمواقع المقابر الجماعية في الجمهورية العربية السورية أو تلويثها، حيث خلص قرار الجمعية إلى الطلب من الأمين العام أن يقوم بدراسة عن كيفية تعزيز الجهود، بما في ذلك من خالل التدابير والآليات القائمة، لتوضيح مصير وأماكن وجود المفقودين في الجمهورية العربية السورية، والتعرف على الرفات البشرية وتقديم الدعم لأسرهم، بالتشاور مع مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان واستناداً إلى توصيات لجنة التحقيق، بمشاركة كاملة ومجدية للضحايا، والناجين وأسرهم بالتشاور مع الجهات الفاعلة الأخرى ذات الصلة وتضمن القرار دعوة جميع الدول الأعضاء، وهيئات الأمم المتحدة ذات الصلة، والمنظمات الدولية والمجتمع المدني إلى تنسيق الجهود الإضافية وتركيز الاهتمام بشكل استباقي على مسألة المفقودين في الجمهورية العربية السورية، بمن فيهم الأشخاص الذين تعرضوا للاختفاء القسري، والتذكير بأهمية المشاركة الكاملة والمجدية للضحايا والناجين وأسرهم في هذه الجهود.
وفي سبيل تعزيز هذه الجهود عقدت مجموعة تنسيق العدالة الانتقالية اجتماعا بتاريخ ١٨ / ٧ / ٢٠٢٢ في مدينة إسطنبول، دعت إليه المنظمات الأعضاء في المجموعة وروابط الضحايا والناجين وأسرهم، بقصد التشاور حول الآلية والتوصيات التي يمكن أن تساهم في جعل هذه الآلية فعالة ومجدية.
وتم استعراض الجهود التي بذلها الضحايا والناجون والجمعيات الأسرية ومجموعات المجتمع المدني السوري حتى أصبح إنشاء آلية خاصة بالمفقودين أمرا ممكنا اليوم، كما تم عرض لملخص المشاورات التي أجرتها المفوضية السامية لحقوق الإنسان حول إنشاء الآلية مع الأطراف السورية والدولية، والحوار حول عالقة الآلية مع الآليات الأخرى وما هو الدور المأمول من هذه الآلية والمخاوف التي تمت إثارتها والمتعلقة بفشل جميع الآليات الدولية حتى الآن بإحراز تقدم يذكر في معالجة مأساة المفقودين، بما فيها اللجنة الدولية للصليب األحمر، واللجنة الدولية المعنية بالمفقودين، وفريق الأمم المتحدة العامل المعني بحالات الاختفاء القسري، وفريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، وما هي العوامل التي يجب أن تتوفر لتنجح الآلية الجديدة بتحقيق ما فشلت بقية الآليات في تحقيقه، وتم التأكيد على تركيز كل الجهود لجعل هذه الآلية فعالة ومجدية.
كما تم التأكيد على السياق الذي تضمنه القرار من تحديد أسباب النزاع وتوصيف الانتهاكات وإسنادها لمرتكبيها وضرورة المحاسبة للوصول لسلام مستدام، وأنه لا حل للقضية السورية إلا بتحقيق الانتقال السياسي وفق قرار مجلس الأمن رقم ٢٢٥٤ ومقتضياته. حيث استهل الحديث عن جذور النزاع في سوريا بالتعبير عن الاستياء لأن حلول شهر آذار ٢٠٢١ صادف مرور عشر سنوات على اندلاع الانتفاضة السلمية وعلى مواجهتها بقمع وحشي أدى إلى نشوب النزاع، مما كان له أثر مدمر على المدنيين من خالل الانتهاكات والتجاوزات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
وما تضمنه القرار من الإدانة الشديدة لما أبلغ عنه من قتل المحتجزين في مرافق المخابرات العسكرية السورية وانتشار ممارسة الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي واستخدام العنف الجنسي والعنف الجنساني والتعذيب في مراكز الاحتجاز المشار إليها في تقارير لجنة التحقق بما يشمل على سبيل المثال ال الحصر، الفرع ٢١٥ و الفرع ٢٢٧ والفرع ٢٥١ وفرع التحقيق التابع للمخابرات الجوية في مطار المزة العسكري وسجن صيدنايا، بما في ذلك اتباع النظام ممارسة الشنق الجماعي علاوة على قتل المحتجزين في المستشفيات العسكرية، بما في ذلك مستشفى تشرين و مستشفى حرستا.
والقلق الشديد تجاه ثقافة الإفلات من العقاب داخل النظام السوري على أخطر انتهاكات القانون الدولي وانتهاكات وحث النظام السوري على أن يسلم الأسر جثامين اقربائها الذين تم الكشف عن مصيرهم، بمن فيهم أولئك الذين أعدموا بإجراءات موجزة، وعلى أن يتخذ فورا كافة التدابير المناسبة لحماية حياة وحقوق الأشخاص المحتجزين حاليا أو الذين ال يعرف مصيرهم.
والإشارة إلى تقرير لجنة التحقق الصادر في آذار ٢٠٢١ الذي يؤكد أن جميع أطراف النزاع وفي مقدمتها قوات الأمن التابعة للنظام كانت ضالعة بشكل متعمد في أعمال الاختفاء القسري على نطاق واسع طوال العقد الماضي. والدعوة إلى تمكين هيئات الرصد الدولية المناسبة من الوصول إلى المحتجزين في جميع السجون ومراكز الاحتجاز، والمطالبة بالإفراج فورا عن جميع الأشخاص الذين احتجزهم النظام السوري تعسفا أو بصورة غير قانونية. ويؤكد القرار على أهمية المساءلة عن أخطر الجرائم المرتكبة أثناء النزاع التي تشكل انتهاكا للقانون الدولي، وذلك لضمان إحلال سالم قابل للاستمرار.
كذلك تم التأكيد على مضمون إحاطة الجمعية العامة بشأن الأشخاص المفقودين في سوريا من قبل مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في ٨ نيسان ٢٠٢٢ حيث تضمنت سياقات الاختفاء القسري في سوريا وما يرافقها من انتهاكات حقوق الإنسان وتجاوزاتها والحرمان من الحرية في ظروف مأساوية من التعذيب وسوء المعاملة والعنف الجنسي. والتعهد بوضع أصوات الضحايا وأسرهم في صميم الحلول المبتكرة لمعالجة قضية المفقودين، وأن إعمال الحق في معرفة الحقيقة هو خطوة أساسية نحو المساءلة والمصالحة
وخلص الاجتماع إلى مجموعة من التوصيات لجعل هذه الآلية فعالة ومجدية:
I .دعم جهود الضحايا والناجين وأسرهم في معرفة مصير أحبائهم، وأن تعمل الآلية المزمع انشائها تحت مظلة الحل الشامل المستدام من خالل عملية تضمن الانتقال السياسي وفق قرار مجلس الأمن رقم ٢٢٥٤ ومقتضياته، وإطلاق مسار العدالة الانتقالية.
II. أن تتضمن عملية كشف المصير الإبلاغ عن أماكن احتجازهم، والسماح بزيارتهم والتواصل معهم، وضمانات الإفراج عن المعتقلين تعسفيا، ومعالجة الآثار القانونية والمالية للأسر المعيلة وإمكانية الوصول إلى الممتلكات والوثائق الشخصية والحسابات المصرفية والميراث وقضايا الوصاية على الأطفال وغيرها
III. إزالة مخاوف الأهالي من الانتقام عند الإبلاغ عن الحالات، وعدم تركهم عرضة للابتزاز والرشاوى، بأن تكون علاقة الآلية مباشرة مع الأسر بعيدا عن آلية تقديم القوائم بأسماء المفقودين.
IV. وضع منهجية فعالة، تضع في الحسبان عدم تعاون النظام السوري والجهات الأخرى المحتملة مع أي آلية دولية لكشف مصير المفقودين، وأن تتضمن خطوات يمكن القيام بها في حال إعاقة عمل الآلية، بما يشمل إتخاذ كافة الإجراءات والعقوبات الممكنة بحقهم.
V. أن يشمل اختصاص الآلية تحديد أسباب الفقدان، لكل الجهات والمؤسسات والأفراد المتسببين بالفقدان.
VI. ضمان تواصل الآلية وتنسيق عملها مع جميع روابط ذوي المفقودين، ومنظمات المجتمع المدني المعنية. VII .أن يكون للآلية دور تنسيقي بين المنظمات السورية المعنية وألا تكتفي بجمع المعلومات بل و تحليلها.
VIII. ضمان الوصول إلى كل أماكن الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية لدى جميع الأطراف، والأماكن المحتملة للمقابر الجماعية.
IX .عدم العبث بالمقابر الجماعية و رفات الضحايا الآن، وألا يتم فتحها إلا تحت رعاية دولية.
X ضمان تكامل عمل الآليات الدولية والتنسيق فيما بينها
المساهمون
صدرت هذه الورقة من أعضاء مجموعة العدالة الانتقالية:
تجمع المحامين السوريين
الجمعية السورية للدراسات والاستشارات
حماة حقوق الانسان
دولتي
الشبكة السورية لحقوق الإنسان
اللوبي النسوي
مجلس القضاء السوري
المركز السوري للإعلام وحرية التعبير
مركز الكواكبي للعدالة الانتقالية وحقوق الإنسان
اليوم التالي
و ساهم في كتابة هذه الورقة روابط من مجموعات الضحايا في كل من الداخل السوري وتركيا كالتالي
اتحاد المعتقلين
رابطة أهالي المختفين قسرا
رابطة أهالي المختفين قسرا في كنصفرة
رابطة أهالي المختفين قسرا في مرسين
مجموعة روميه و ناجين من سجون لبنان
مجموعة معتقلي الرأي
مجموعة ناجيات الباب
ناجين من مجموعة جرابلس
ناجين و ذوي المفقودين من عفرين
ياسمين الحرية (فريدوم جاسمن)