المحامي علي الزير
مخطط البحث
أولا. ملخص تنفيذي.
ثانيا. العلاقات ضمن المؤسسة القضائية.
- الطبابة الشرعية.
- كتاب العدل
- كتاب الجلسات.
ثالثا. القضاء الاستثنائي.
رابعا. العلاقة بين جناحي العدالة (القضاة والمحاميين).
خامسا. نظرة المجتمع السوري للقضاء.
سادسا. مقترحات حول اصلاح المؤسسة القضائية.
سابعا. الخاتمة.
أولا. ملخص تنفيذي:
مما لا شك فيه ان القضاء في سورية يعاني من الكثير من المشكلات سواء على المستوى التشريعي أم على مستوى تعين القضاة او حتى على مستوى تنفيذ القوانين، مما أدى الى ضعف ثقة المواطن السوري بالمؤسسة القضائية بسبب عدم الاستقلالية او الحيادية او النزاهة، حيث أنه لا يتم اللجوء الى القضاء إلا في الحالات الاضطرارية. وقد ظهر هذا الامر بشكل جلي في السنوات العشرة الأخيرة حيث ان المتخاصمين كثيرا ما يفضلون حل مشكلاتهم وفض خصوماتهم خارج نطاق المحكمة. وقد ساهم أيضا المحامون وبالذات نقابة المحامين بتكريس هذه النظرة تجاه القضاء. وهذا ما دفعنا الى اعداد هذا البحث بحيث يكون الهدف الرئيس منه هو تحليل الواقع القضائي في سوريا عن طريق استكشاف مواطن الضعف والخلل فيه وذلك من خلال:
-إلقاء نظرة على السلطة القضائية التي هي احدى سلطات الدولة وتتمثل بوزارة العدل والمحاكم والهيئات والمؤسسات القضائية، فحجر الأساس لبناء مجتمع سليم خال من الجريمة هو وجود سلطة قضائية مستقلة وقضاء عادل يستطيع الفصل في النزاعات بين أفراد الشعب والمؤسسات بناء على تحقيق العدالة وارساء قواعد الحق.
- القاء الضوء على منظومة العمل المؤسساتي القضائي الذي يحكمه القانون وكيفية التنسيق بين النصوص القانونية والتطبيق العملي من خلال دراسة تحليلية وفق نصوص القانون ومدى ارتباط تلك المؤسسات مع بعضها البعض ومع الأفراد.
-الوقوف على الصورة النمطية للقضاء السوري وشفافيته والوضع الحقيقي له لدى الجمهور.
-التطرق الى بعض المقترحات التي نرى انها قد تساهم في تطوير المؤسسة القضائية في سورية.
معتمدين في ذلك على الخبرة الشخصية للباحث كونه محامي وقد خبر شخصيا الكثير من مواطن الضعف في العملية القضائية ولديه الخبرة الكافية المتأتية من ممارسته لمهنة المحامي لسنوات عديدة.
ايضا تم اجراء العديد من المقابلات الشخصية مع محامين وقضاة من اجل الاستفادة من تجاربهم وخبراتهم.
كما تم اجراء دراسة مقارنة للواقع القضائي السوري استنادا الى النصوص الدستورية، حيث صدر في سوريا أول دستور عام 1920 وكان آخرها الدستور الحالي لعام 2012، على أننا نلاحظ أن الدساتير المتعاقبة على سوريا اجمعت كلها على وجود سلطات ثلاث: السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية واخيراً السلطة القضائية.
وقد تم التركيز على اهم الفروق الجوهرية بين دستور 1950 ودستور 2012 كون اغلب السورين يعتبر أن دستور 1950 هو الاكثر شرعية من بين الدساتير اللاحقة. وأهم الفروق الجوهرية التي يمكن الاشارة إليها:
- في دستور 1950، يختار مجلس النواب سبعة اعضاء من اربعة عشر العدد الكلي للمحكمة العليا يرشحهم رئيس الجمهورية، بينما أعضاء المحكمة الدستورية السبعة، يسميهم رئيس الجمهورية بمرسوم في دستور 2012.
- أعضاء المحكمة العليا يقسمون اليمين أمام مجلس النواب في دستور 1950 بينما يقسم أعضاء المحكمة الدستورية اليمين أمام رئيس الجمهورية في دستور 2012.
- – رئيس المحكمة العليا يرأس مجلس القضاء الأعلى في دستور 1950، بينما يرأس رئيس الجمهورية مجلس القضاء الأعلى بموجب دستور 2012.
- – أعضاء مجلس القضاء الأعلى جميعهم قضاة: 2 من المحكمة الإدارية العليا و4 من أقدم قضاة التمييز، ورئيس المحكمة العليا رئيسًا للمجلس، بموجب دستور 1950، بينما تسمية أعضاء مجلس القضاء الأعلى تتم بقانون، بموجب دستور 2012، وهذا أدى إلى عدم الاكتفاء بأن يرأس رئيس السلطة التنفيذية مجلس القضاء الأعلى، وإنما يمكن تسمية آخرين من السلطة التنفيذية في المجلس، حيث أن وزير العدل هو نائب رئيس مجلس القضاء الأعلى، أي أن مجلس القضاء الأعلى لا يمكن أن يجتمع إلا تحت رئاسة السلطة التنفيذية.
- سلطة المحكمة العليا فيما يتعلق بمحاكمة رئيس الجمهورية والوزراء مطلقة، إذا اقترف أي جرم أو مخالفة للقوانين والأنظمة، بموجب دستور 1950، بينما سلطة المحكمة الدستورية مقيدة بمحاكمة رئيس الجمهورية بجرم الخيانة العظمى فحسب، بموجب دستور 2012، ثم إذا كان رئيس الجمهورية هو الذي يسمي أعضاء المحكمة الدستورية، ويقسمون اليمين أمامه، فكيف لها أن تحاكمه؟
ثانيا. العلاقات ضمن المؤسسة القضائية.
- الطب الشرعي:
يعالج الطب الشرعي في سوريا قضايا كثيرة حساسة للغاية تبدأ من حالات الانتحار وأخرى تتراوح نتائجها بين الموت والعجز الدائم أو المؤقت والحوادث الطارئة والمشاكل الجنسية وتقييم المرضى العقليين والشدة عند الموقوفين وتحديد مدى المسؤولية الطبية في حال الاهمال الطبي وتشريح الجثة في حالات الاشتباه بالموت إلى غير ذلك. وبالرغم من ذلك إلا أن الطب الشرعي في سوريا يرتكب العديد من انتهاكات حقوق الانسان كإساءة التعامل مع الأطفال والنساء والسجناء والمرضى العقليين إلى جانب جرائم الحرب وهذا ما لمسناه ليس فقط في سنوات الأزمة في سوريا بل منذ عقود مضت .
وبما أن سوريا يسودها نظام التحقيق وهو يعتمد على السرية والكتابية والغيابية وبما أن المحاكم تعتمد بشكل رئيسي على الاعتراف وشهادة الشهود وبالتالي فإن لتقرير الطبيب الشرعي اهمية كبيرة في حسم القضية.
ومع ذلك فإن مما نلاحظه في المحاكم السورية على اختلاف أنواعها ودرجاتها قدرة التواجد الشخصي للطبيب الشرعي امامها ويبقى الاعتماد الكلي على التقرير الطبي الورقي المرفق بملف القضية دون الاستناد إلى ملفات الكترونية للحفاظ أكثر على تلك التقارير وخاصة في الفترة التي تعيشها سوريا من دمار وانهيار للكثير من المؤسسات القضائية وذلك نتيجة للحرب وضياع الكثير من الملفات القضائية
ومن الاهمية بمكان ان نشير الى ان التقارير الطبية قد تكون صادرة عن طبيب واحد وقد تكون صادرة عن عدة أطباء (لجنة طبية) وتشكل هذه الجان حسب كل دعوى فإما أن تكون لجنة ثلاثية من ثلاثة أطباء أو لجنة خماسية من خمسة أطباء أو لجنة سباعية من سبعة أطباء …الخ.
والخبرة الطبية هي خبرة فنية ومن أحدى وسائل الأدلة التي يلجأ إلى طلبها القاضي بناء على سلطته التقديرية وله الحرية الكاملة في طلبها كما له الحق عند طلبها الحرية الكاملة في رفضها أو اعتمادها أو اعتماد جزء منها وهدر جزء منها. كما يحق لأحد أطراف الدعوى أو من يمثلهم من المحامين أن يقدم طلباً للقاضي لإجراء خبرة طبية وذلك ضمن مجريات الدفاع وجمع الأدلة واثبات الوقائع وللقاضي الحرية في الموافقة على الطلب أو رده.
كما أن للقاضي الحرية الواسعة في البحث عن أدلة اثبات جديدة كأن يطلب خبرة طبية حديثة مثل فحص DNA إلا أنها حتى الآن لم يتم اعتمادها وتطبيقها على أرض الواقع في المحاكم السورية، وهذا يعود إلى اعتبارات دينية واجتماعية سائدة في المجتمع السوري
وتدريجياً تورط الطبيب الشرعي في حيثيات وملابسات القانون من خلال تطبيقاته اليومية بسبب ضعفه وبسبب الإغراء الحاصل كي يصبح طرفاً مؤثراً أو فاعلاً في النتائج القانونية خصوصاً مع تشجيع القضاة الذين “يتكلون” على الخبرة الشرعية الطبية أحياناً للتخفيف من مسؤولية أحكامهم. مما لا شك فيه أن الحكم الأول والأخير للقاضي ولو قلنا غير ذلك لاعتبرنا بأن التقرير الذي يضعه الطبيب هو أقوى من حكم القاضي لأن التقرير نفسه يكون حكما في هذه الحالة وما على القاضي سوى الاعلان عنه، وان كانت تقارير الخبرة لا تلزم المحكمة إنما هي من جملة الأدلة الخاضعة للبحث والمناقشة.
تجدر الاشارة هنا ومن خلال تعليقات المحامين الذين يعملون امام محكمة الارهاب إلى أن الطب الشرعي كان يمكن أن يكون له الدور الأكبر في الكشف عن حقائق الممارسات الوحشية التي طالت الكثير من الموقوفين والتي أدت في حالات كثيرة إلى الوفاة أو إلى الجنون وإلى الاعاقات الدائمة إلا أنه وبسبب تجاهل المحاكم وخاصة محكمة الارهاب وهي محكمة استثنائية لا تخضع لقانون أصول المحاكمات ولاعتبارات اعتمدتها تلك المحاكم في فترة الأزمة السورية لم يكن للطب الشرعي أدنى دور تجاه ذلك
- كتاب العدل:
الكاتب بالعدل بالتعريف: هو الموظف المكلف ضمن حدود سلطته واختصاصه بالأعمال المبينة بالقانون وبغيره من القوانين الأخرى النافذة ودائرة الكتاب بالعدل هي إحدى الدوائر القضائية.
وقد طرأ على قانون الكاتب بالعدل كغيره من القوانين السورية الوضعية تغيرات، فكان قانون الكاتب بالعدل رقم 54 لعام 1959 زمن الوحدة بين سوريا ومصر ثم صدر القانون رقم 753 لعام 1961 إلى أن تم اصدار قانون الكاتب بالعدل المعمول به حاليا رقم 15 لعام 2014.
وهذا القانون ينظم عمل الكاتب بالعدل والذي يعد موظف حكومي ويخضع للقانون الأساسي للعاملين بالدولة.
شروط السند الذي يوثقه الكاتب بالعدل ليصبح سنداً رسمياً له قوة ثبوتية:
- أن ينظمه الكاتب ضمن حدود سلطته وضمن اختصاصه المكاني والموضوعي وبالشكل المحدد بالقانون وبهذه الحالة يحتم القانون على الكاتب بالعدل كونه موظف عام أن يتقيد بذلك وفي حال تجاوز الكاتب بالعدل هذا المعيار فان ذلك يعرضه للمساءلة فضلا عن البطلان لتجاوز الموظف حدود عمله ومكانه.
وهذا المعيار من ابجديات الكاتب بالعدل، ويجب التنويه أنه خلال الأزمة السورية حصل الكثير من التجاوزات لعدم التقيد بهذا المعيار مما أضاع الكثير من الحقوق
- أن يكون السند مختوما بخاتم الكاتب بالعدل وموقعا من الأطراف المعنية ومبصوما عليه ببصمات أصابعهم وبالاستناد إلى هوياتهم الشخصية أو جوازات سفرهم أو القيود الفردية بالنسبة لمن يحررون وكالة بالاستناد إلى وكالة عن ذويهم شريطة قيد فردي لا تتجاوز مدة صدوره خمسة أيام وذلك لكشف عمليات التزوير التي طالت بشدة قطاع الكاتب بالعدل نتيجة لجوء الأفراد إلى الوكالات بسبب سفر الكثير لخارج البلاد والاعتماد على ذويهم لإتمام معاملاتهم القانونية.
- إلا يكون الكاتب بالعدل ممنوعا من توثيق المحررات وذلك بسبب قرابته لأطرافها أو غير ذلك من الموانع القانونية.
- أن يراعي الأوضاع الشكلية في تحريرها
وهنا لا بد للإشارة أنه في حال اختل شرط من الشروط، يعد سند الكاتب بالعدل سنداً عادياً وبالتالي بطلت الوثيقة كسند رسمي (فالإسناد حجة على الناس كافة بما دون فيها من أفعال مادية قام بها الموظف العام (الكاتب بالعدل) في حدود مهمته أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره وذلك مالم يثبت تزويرها بالطرق القانونية أو ما ورد على لسان ذوي الشأن من بيانات فيعد صحيحا حتى يقوم الدليل على ما يخالفه) المادة 6 من قانون البينات رقم 395 لعام 1947
تعيين الكاتب بالعدل:
يتم تعيين الكاتب بالعدل بقرار من وزير العدل ويكون للقاضي البدائي الأول الاشراف قانونا على أعمال الكاتب بالعدل ويتولى رئيس النيابة العامة الأقدم الاشراف الاداري على الكاتب بالعدل.
ولا يحق للكاتب بالعدل توثيق وكالة تتضمن قاصرا الا بعد اخذ الاذن على ذلك من قبل القاضي الشرعي الأول وبذلك نلاحظ العلاقة ما بين دائرة الكاتب بالعدل مع المحاكم ومع النيابة العامة للمصادقة على الوكالات ومع القاضي البدائي ومع القاضي الشرعي فضلا عن الانذارات والتبليغات التي تتم عن طريق دائرة الكاتب بالعدل.
كما أن أي وكالة عدلية ترفق بأي دعوى نزاع تنظر أمام أي من المحاكم لإثبات حق ما لابد من مراجعة الكاتب بالعدل لتصديقها من جديد والتأكد بأنه لم يجر أي تعديل أو عزل عليها.
اضافة إلى التواصل ما بين دائرة الكاتب بالعدل بالآونة الاخيرة مع وزارة الداخلية ووزارة الخارجية للوقوف على الوكالات التي تم تنظيمها بخارج سوريا من أجل ما يسمى بالموافقات الأمنية وذلك نتيجة الحرب في سوريا والأوضاع الأمنية التي سادت البلاد في الآونة الأخيرة.
ان الوكالة التي يجريها الكاتب بالعدل تسمى (الوكالة العدلية): وهي التي تنظم من قبل الكاتب بالعدل بأن يقوم شخص ما بتوكيل شخص آخر غير المحامي سواء قريب أو بعيد وذلك للقيام بعمل قانوني معين كشراء منزل أو بيعه أو تأجيره أو وكالة للتزويج وهذه الوكالات قابلة للعزل باستثناء التي يكون للوكيل فيها حق معين مثل وكالات البيع.
وبالنسبة للملكية التي تكتسب بموجب وكالة كاتب بالعدل فهنا ينظم الكاتب بالعدل وكالة غير قابلة للعزل ببيع العقار مثلا لنفسه أو لغيره كما يريد وذلك بعد أن يقبض البائع كامل حقه.
وبالتالي فان هناك حقوقا اكتسبت بموجب وكالات تمت ووثقت على سجلات ورقية ونتيجة للأزمة السورية التي طالت سوريا نال قطاع الكاتب بالعدل جزءا ليس بالقليل من الدمار وضياع الكثير من السجلات التي تؤكد ثبوت هذه الوكالات كوننا في سوريا لم يتم حتى الآن اعتماد الأتمتة الالكترونية بالنسبة لدوائر الكتاب بالعدل مما أدى إلى ضياع الكثير من الحقوق العقارية والمادية للأشخاص نتيجة ذلك، فلجأ الكثير إلى طريق القضاء لإثبات حقه بتلك الوكالات بما يملكه من صور عن تلك الوكالات ولتعذر التصديق عن طريق الكاتب بالعدل نتيجة تلف السجلات فاعتمدت المحاكم لإثبات تلك الحقوق على كتاب العدل المعتمدين في تلك المناطق وذلك عن طريق تأكيد على أن تلك الوثائق المذيلة بالأختام الموجودة بحوزة المواطنين كانت معتمدة لديهم وأن التصديق يتعذر للأسباب الأمنية وبالتالي لجأ المواطنون إلى إثبات حقوقهم عن طريق الدعاوى أمام المحاكم والاعتماد على شهادة الشهود وعقود البيع الأولية وأطراف الدعاوى إن كانوا على قيد الحياة.
- العلاقة بين القضاة وكتاب الضبط:
تُشكل المحاكم في سورية على اختلاف درجاتها من قضاة وكتاب جلسات وديوان تابع لكل محكمة.
وعلى كاتب المحكمة أن يعد قائمة بالدعاوى التي تعرض بالجلسة ويساعد المحكمة في الجلسات وفي جميع الاجراءات المتخذة للإثبات تحت طائلة البطلان وهو الذي يتولى تحرير المحضر والتوقيع عليه وبالتالي تحضير الأطراف المتنازعة وتدوين شهادة الشهود
وعلى كاتب المحكمة أن يعطي من يودع مستندا كتابيا ايصالا يوقعه ويختمه بخاتم المحكمة، بالإضافة إلى حفظ كل مستند يقدم من أحد أطراف النزاع واعطاء صورة عنه لطرف النزاع الاخر.
وقد أضاف قانون أصول المحاكمات تعديلا جديدا على عمل كاتب المحكمة لم يكن بالسابق، حيث اصبح كاتب المحكمة يوقع على مسودة الحكم بعد استلامها وايداعها ديوان المحكمة كما يوقع أيضا على صورة الحكم.
أما بالنسبة لكتاب الضبط ورؤساء الدواوين، فمهمتهم تسجيل الدعاوى والتأكد من أطراف الدعوى وعددهم من اجل المطالبة بنسخ من استدعاء الدعوى بعدد المدعى عليهم ثم يقوم بتوجيه الانذارات لهم ويحدد موعد الجلسة عن طريق المحضرين او من خلال طرق ادارية محددة قانونا، وفي حال عدم الاجابة يعيد التبليغ وإذا تكرر الامر يخبر رئيس بالمحكمة لشطب الدعوى.
وتنص المادة /١٢٨/ من قانون اصول المحاكمات المدينة:
أ-على كاتب المحكمة أن يعد قائمة بالدعاوى التي تعرض في كل جلسة.
ب -تعرض هذه القائمة على رئيس المحكمة وتعلق صورتها في اللوحة المعدة لذلك على باب المحكمة قبل افتتاح الجلسة.
يبلغ موعد المحاكمة الى الخصوم قبل موعدها بثلاثة ايام على الاقل
ينشئ الكاتب محضرا لكل محاكمة ويوقع عليه الرئيس في اخر كل جلسة، يذكر فيه ساعة افتتاح واختتام الجلسة واسم او اسماء القضاة والخصوم الحاضرين او وكلائهم والوقوعات التي حدثت والبيانات التي يأمره الرئيس بتدوينها.
المادة ١٩/ف٢ يجوز لاحد الكتاب او المحضرين أن يبلغ الدعوى للخصم او وكيله في دائرة بالمحكمة إذا كان معروفا منه.
مادة ٥٠/ اصول محاكمات مدنية/٢٠١٦ يشرف رئيس المحكمة على انتظام اعمال الديوان.
وقد حددت المواد من ٤١/ حتى٥٠/ من قانون اصول المحاكمات المدينة معاملات الديوان.
ثالثا. القضاء الاستثنائي:
يتمثل القضاء الاستثنائي في سوريا بمحاكم الميدان العسكري التي احدثت بالقانون رقم 109 لعام 1968 والتي تنفرد بتنفيذ أحكامها من قبل وزير الدفاع والتصديق عليها من قبل رئيس الجمهورية ولا يحق لأي محامي التوكل عن أي شخص موقوف أمام هذه المحكمة ولا الاطلاع على أوراق القضية ولا زيارة الموقوف أو المتهم أمام هذه المحكمة.
كما عرفت سوريا في فترة الأزمة السورية ما يعرف بمحكمة الارهاب عام 2012 وهي محكمة حلت محل محكمة أمن الدولة وهي محكمة غير قانونية لا تخضع في صك إنشائها إلى قانون أصول المحاكمات في كل اجراءاتها وتعاملها مع المحامين ومع الموقوفين.
فكل ما سبق ذكرناه في الفقرة السابقة من نظام المحاكم وكتاب الجلسات ورؤساء الدواوين وما للخصوم من صلاحيات للاطلاع عل دعاويهم هو الأشبه بالمستحيل في محكمة الارهاب.
رابعا. العلاقة بين جناحي العدالة (القضاة والمحاميين).
علاقة القاضي بالمحامي:
المحامي والقاضي هم جناحا العدالة، فالمحامي يعمل على نصرة المظلوم وردع الظالم وهو المساعد للقاضي للوصول لهذا الهدف المشترك بينهما ولديه ثقافة في الحقوق وعلم بالقانون والواجبات لذلك فهو يوصل وجهة النظر القانونية في الدعوى ويشرح وجهات نظر المتخاصمين بإظهار حجج وادعاءات كل منهم ليبين وجه الحق ويرشد القاضي كي يسلك طريق الحق والعدل .فالمحامي يعتبر القاضي الواقف. والقاضي المستقيم يسعى جاهدا لتحقيق العدالة مهما كان هناك ثغرات في القانون، والمحامي يساعده في ذلك.
ونرى في الواقع أن العلاقة بين المحامي والقاضي في قد انقلبت في سوريا حيث انتشار الفساد في اغلب مفاصل الدولة ومنها القضاء والامن والشرطة والمحاماة والكثير من فئات المجتمع، وبالتالي نجد أن العلاقة بدلا من أن تكون علاقة مودة ونصح ومحبة اصبحت علاقة مادية وعداء وتنافر وتناحر وبغض وهذا أدى الى نتائج وخيمة في اصدار الاحكام غير العادلة بسبب فساد السلطة واتباعها نهج التفرقة والتمييز على اساس الولاء للحزب والسياسية العامة للحكومة، فتعيين القاضي اصبح على اساس الولاء وليس على الاسس التي حددها القانون فالواسطة والمحسوبية والانتماء هم الأساس في التعيين .وعليه انتشر الفساد في السلطة القضائية وعمت الرشاوى ووضع الرجل غير المناسب في المنصب المناسب .لذلك نرى الاحكام اصبحت مجحفة والظلم ساد وعم. فالقاضي ينتقم من المحامي والمحامي يريد اثبات نفسه فيتبع اساليب ملتوية ليصل الى هدفه وان كان يعلم انه على غير الحق.
ولحل هذه المعضلة نجد أن القضاة والمحامين هدفهم مشترك هو تحقيق العدل ومناصرة المظلوم ورد الحقوق لأصحابها وهما جزآن يكمل الواحد منهما الاخر لا يفترقا لذلك يجب اتباع سياسة مبنية على التعاون بينهما والالتزام بحمل رسالة الحق والعدل والمحافظة على الامانة التي حملاها واقسما على حفظها. لهذا يجب بداية العمل على اختيار القاضي المناسب وعلى اساس قانوني سليم وليس على اساس الولاء وقمع الرشاوى واللصوصية والطرق الملتوية التي يتبعها الكثير من المحامين والقضاة.
يجب اعادة النظر في العلاقة بين المحامي والقاضي والعمل على بناء علاقة ثقة ومحبة وود وازالة كل الشوائب العالقة بينهم.
بناء الفرد الإنسان الصالح هو بناء للمجتمع الصالح ورفع مستوى القضاء بتحديد المؤهلات التي يجب أن يتحلى بها القاضي عند تعينه.
واخيرا يجب بناء جسور التعاون والتعاضد بين المحامين والقضاة للوصول للعدالة الاجتماعية.
خامسا. نظرة المجتمع السوري للقضاء.
بات ليس بالأمر الغريب على واقع مجتمعنا السوري النظرة السوداوية تجاه القضاء وتجاه أي مؤسسة قضائية وهذا الأمر ليس بالجديد فقد انتشرت الرشوة والمحسوبيات في أغلب القطاعات إلا أن قطاع القضاء ناله النصيب الأكبر فبدءا من تعيين واختيار القضاة إلى توظيف المستخدمين ناهيك عن الاجراءات التي أخذت شكل السرعة والبطء استنادا إلى الفكرة السائدة (أرغب بتوكيل محام لا يعرف القانون بل يعرف القاضي) وعبارات أخرى تنال من هيبة العدالة مثل (أريد مفتاحا للقاضي) وإلى مثل ذلك مما أدى إلى انهيار العلاقة ما بين المجتمع والقضاء وضياع الكثير من حقوق الضعفاء لأنهم لا يملكون مفاتيح القضاة وعدم الثقة بين المحامي والموكل ما دام كل الأمور تحل بالمال فمن الممكن ما هو حقي اليوم غدا يصبح حق غيري ناهيك على ظهور المحاكم الاستثنائية نتيجة الحرب وأحكامها التي بنيت على ضبوط لم يتم التأكد من صحتها وضياع الكثير والكثير من الحقوق والأرواح نتيجة الفساد الممنهج.
ومن هنا نجد أن مكانة القضاء ونظرة المجتمع له قد اهتزت وضعفت الثقة في القضاة والمحامين لكثرة الفساد.
سادسا. مقترحات حول اصلاح المؤسسة القضائية.
– بداية يكون بإصلاح الانسان فالفرد الصالح يبني مجتمع صالح ويبني وطن العدل والامن والاستقرار.
– يكون الاصلاح عن طريق لجنة وطنية مشهود لها بالثقة والصلاح بعيدا عمن تسبب بفساد السلطة القضائية.
– تنظيم واعادة هيكلة النظام القضائي وذلك بإلغاء القضاء الاستثنائي واعادة استقلال السلطة القضائية.
– اصلاح الجامعات والعناية بالتعليم الجامعي واخذه على محمل الجد واعداد الخريجين ليكونوا حملة الامانة الملقاة على عاتقهم ودعم المعاهد القضائية.
– تحسين الوضع الاقتصادي للقاضي والمحامي كي لا تسول له نفسه أن يسلك الطريق الملتوية لتحسين وضعه المادي.
– اعادة النظر بتعيين القضاة والأسس التي يتم التعيين على اساسها وعدم العبث بهذا الموضوع بتدخل باقي السلطات في التعيين.
– اجبار الإدارات الحكومية على تنفيذ الاحكام القضائية الصادرة بحقها.
– اصلاح العمل النقابي للمحامين واعطاء النقابة الدور الفعال في العمل القانوني واحترام المحامين وحمايتهم وعدم النظر للولاء وادخال السياسة في عملها، وتدخل الأمن المسيطر على مفاصل الدولة بخصوصياتها.
سابعا. الخاتمة:
عندما نفكر بالإصلاح علينا أولا أن نستقصي مواطن الخلل والعيوب فنبدأ بالعيوب المشتركة بين المحامين.
فيجب اعادة بناء الثقة على مبادئ احترام الأخرين وأن مهنة المحاماة ليست مهنة تنافسية بقدر ما هي مهنة فرسان الحق وهي مهنة تشاركية ما بين الخبرات وفسحة لتبادل الآراء وكيفية تطوير القوانين والقواعد القانونية وليست قائمة على الحسد والتنافر فيما بينهم
اعادة بناء العلاقة ببن القاضي والمحامي والتي أغلب عيوب الخلل بين جناحي العدالة المكسورين هو الضعف العلمي والضعف الثقافي والأخلاقي واعادة اختيار القضاة بناء على أسس سليمة وفق المعايير الأخلاقية أولا ومن ثم الخبرات العلمية والقانونية وليس بناء على اعتبارات شخصية واستنادا لمحسوبيات أخرى وبناء على ذلك نستطيع اعادة ثقة المواطن بالمنظومة القضائية التي فقد المواطن من خلالها الايمان بالعدالة وسيادة القانون.
واخيرا ينبغي بالختام أن يكون الإيمان حليفنا بأن تصلح الأمور طالما أن بيننا محامين وقضاة مؤمنين بربهم ووطنهم ومجتمعهم ورسالتهم النبيلة وبالتالي فلابد للإيمان أن ينعكس رحمة وعدلا.